" الموسيقي والغناء والشعر " عند الشعوب القديمة

 " الموسيقي والغناء والشعر " عند الشعوب القديمة 

لا يخلو عصر من وجود الحس الموسيقي والفنون الموسيقية المختلفة. فقد تنوعت الفنون والمعزوفات منذ أقدم العصور المعروفة لدى التاريخ البشرى وأيضا فى كل بلاد العالم القديم والحديث. وقد كان أنسان العصر الحجرى يمتلك نوعا من الموسيقي. فقد وجدت فى العديد من الأماكن القديمة والكهوف العديد من المزامير والات موسيقية مصنوعة من عظام صغيرة من ذوات المخ.

وفى أحد الأماكن المعروفة بمغارة الأخوة الثلاثة فى أربيج لاحظ العلماء وجود رسم رجل يرتدى جلد ثور وحشى ويلعب مايشبه آلة الناى المعروفة حديثا. وبالطبع فإن الموسيقي مرتبطة بالرقص. كما أن فن ذلك العصر يحتوى دائما على مشاهد من الراقصين والراقصات يرقصون مع عزف الموسيقي.

وفى مغارة سيفيل فى إسبانيا وجد حملة أقواس يرقصون، كما وجد أيضا راقصون مقنعون فى مارسولا وهورنوس دى لابينا. وفى مغارة أعمق فى أربيج نرى رسما لشخصية معروفه بأسم الساحر له قرون أيل ورأس بومه وقائمتا دب من الأمام وذنب حصان وأذنا ذئب وهو يقوم بالرقص والحركة بشكل واضح. فالرقص قد وجد بالطبع فى القديم ملاحقا للغناء والموسيقي.


أقدم أمثلة الغناء فى العالم

ولم يصل الينا أكثر من ذلك عن أقدم أمثلة الغناء التى عرفت والتى ظهرت فى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد فى نصوص مكتوبة من سومر ومن مصر. فالمقاطع الأولى المعروفة من الغناء السومرى هى إما أشعار طويلة تروى موضوعات دينية أو متعلقة بنشأة الكون. وإما تراتيل صريحة موجهة إلى الألهه.

والغناء المصرى الذى هو أقدم ما وصل إلينا كان نشيد لجنود الملك بيبى الأول فى عام 2350 ق.م. إضافة إلى النصوص السومرية والمصرية تقدم لنا مظهرا بدائيا متمثلا بالترديد المستمر لبعض الجمل التى تملك صفة متطورة. وهناك أغانى أخرى وجدت قبل هذه النصوص، وكانت أكثر بدائية، ولكنها لم تصل ألينا لأنها لم تسجل عن طريق الكتابة، ولا نملك عنها أى معطيات عن أشكالها أو مضمونها. 

ومانملكه إنما هو نتاج مجتمعات أكثر تطورا بلاشك، الأمر الذى لايمكن أن يحدث فى نهاية العصر الحجرى القديم أو العصر الحجرى المتوسط. فهى تعبر عن عادات وعن حالة للفكر تملكها شعوب زراعية واسعة ومنظمة بواسطة حكومة مركزية. فهم شعوب أعتادو استعمال المعادن وعرفوا عددا كبيرا من الصناعات الناجمة عنها، تساعدها إلى حد ما كتابة تسمح لها بأن تشكل أفكارا تكاد تكون مجردة أو أن تعبر عنها.

البحث عن أصول الغناء

ومن المستحيل أن نكتشف أصول الغناء والشعر إذا أكتفينا بالأعتماد على المنهج التاريخى الذى يقوم على أساس البحث فى الماضى على أمل أن نجد فيه الوثائق التى نحتاج إليها فى البحث. وقد يحدث أن تبقى بعض الأغانى والتراتيل والصلوات محفوظة فى الذاكرة وتنتقل من جيل إلى جيل، ولكن هى نفسها مرضة للزوال عندما يزول الشعور بالحاجة اليها لأن شيئا أحدث منها حل محلها. أو لأن اللهجة التى قيلت فيها قد تعدلت لدرجة أنها أصبحت غير مفهومة فيما بعد.

ومن الطبيعى أننا إذا حاولنا أن نقتفى أثر تاريخ الغناء البدائى فإن من المستحيل أن نكتشف أية معلومات عن موضوع هذا الغناء. مما يعنى أن علينا أن نطرح الموضوع بصورة أخرى ونسأل عما إذا كان ثمة طريقة غير التاريخ للكشف عن غياهب الماضى، على ألا تكون أقل قدرة منه فى إلقاء شئ من الضوء عما كان عليه الغناء من أشكال وصيغ.

علينا أن نبحث عن الأغانى التى يستطيع أن يصل علمها إلينا، والتى ليست هى بدائية لأنها أقل تركيبا وتعقيدا من الأغانى الحديثة فحسب.وأنما لأنها نتاج ظروف مشابهه أيضا ومن نواح عديدة لتلك التى وجدت فى نهاية العصر الحجرى القديم وتعبر عن الحالة النفسية للمجتمعات التى لاتزال تعيش على النهج البدائى الذى عرفته العصور الحجرية.

التجمعات البشرية التى تتبع أنماط تشبه الحياة فى العصر الحجرى

لايزال يوجد حتى الان فى العالم تجمعات بشرية محدودة ومنعزلة مازالت تتبع أنماط من الحياة تعود إلى العصر الحجرى، ليس فقط لأنها تستعمل أسلحة وأدوات حجرية، وبعضها لم يتجاوز أستعمال الأدوات الخشبية، ولكن لأن أقتصادها فى خطوطة الرئيسية مازال مشابها لأقتصاد العصر الحجرى. 

والغناء والموسيقي فى جملتهما ليس إلا تعبيرا عن الظروف الأجتماعية والأقتصادية التى ظهر فيها والأشياء التى حرضت على ظهورة. وهذه الشعوب تعيش فى أقصى درجة من البدائية يمكن أن نعرفها، وبهذه المناسبة التى نحن بصددها علينا أن نختار من بينها تلك التى نعرف عنها أوسع مايكون وبخاصة فى موضوع الغناء.

فمن المفيد مثلا أن نعرف ماهى الأغانى التى كان يغنيها سكان جاوا من الكالانج الذين يقال أنهم كانوا أقرب الناس إلى العصور القديمة، والذين أختفوا كلهم وأختفى ماكان لهم من الأغانى. ولانملك عن شعوب أخرى كالتاسمانيين الذين أنقرضوا إلا القليل من المعلومات التى هى فى حدها عرضة للنقاش. 

ويمكننا أن نخشى أن شعوبا أخرى تحرص على عدم كشف أغانيها التى تمتلك صفة القداسة أمام غرباء يمكن أن يستخدموها فى أشياء سيئة. ونحن نعرف القليل عن عدد كبير منها لايسمح لنا بأن نستخلص منه أى نتائج. ولن يبقى أمامنا إلا عدد قليل من الشعوب البدائية التى نعرف عن غنائها بعض المعرفة. 



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -