شرح مقام الحجاز وأساسيات التأليف والتلحين

شرح مقام الحجاز وأساسيات التأليف والتلحين

مقام الحجاز هو من المقامات المشهورة والمعروفة والتى تستخدم كثيرا فى التأليف والتلحين الموسيقي. ويجب علينا دراسة المقامات الشرقية بالتفصيل فهى المرحلة التالية لتعلم أساسيات العزف والموسيقي والتلحين. فلا يمكننا العزف بإحتراف بدون تعلم المقامات. لذلك سنتعرف على الشرح التفصيلى لمقام الحجاز. كذلك سنتعرف على أمثلة عملية على هذا المقام من عدة درجات موسيقية وذلك من خلال الحفظ الجيد للمقام.

ويوجد الكثير من الأغانى والألحان والمقطوعات الغنائية المشهورة التى تم تلحينها على هذا المقام. فمن أشهر أغانى مقام الحجاز أغنية " حبيبى يا نور العين " للفنان عمرو دياب، وكثير من الألحان الأخرى المنتشرة فى الوطن العربى والشرقي عموما.

كما يستخدم مقام الحجاز أيضا فى الموسيقي التركية والهندية والعديد من دول العالم وثقافاته المختلفة. ويمتاز مقام الحجاز بأنه من المقامات التى لا يوجد بها الربع صوت أو ( نصف بيمول ). فهو من المقامات التى يمكن عزفها على أى كيبورد سواء شرقي أو غربى، تماما مثل مقام الكرد.




كذلك يعتبر من المقامات البسيطة التى يمكن لأى عازف البدء بها. وتعود أهمية هذا المقام فى روح الطرب الأصيل التى يمتاز بها مما يعطى الملحن مجال من الإبداع الموسيقي عند التلحين على هذا المقام. ويجب الأخذ فى الإعتبار أن كل مقام من المقامات الموسيقية يمكن أن يعزف من أثنى عشر درجة أو نغمة من النغمات المكونة للأوكتاف الموسيقي.

ولكى نعزف المقام من أى درجة من النغمات الموسيقية وضعنا قانون لكل مقام من مقامات الموسيقي. وهذا القانون يجعل عزف المقام أكثر سهولة وأكثر فهما ويمكننا إستخراجة من أى درجة موسيقية. وقانون مقام الحجاز كالاتى ويقرأ من اليسار إلى اليمين ( 1 - 1 - 1/2 - 1 - 1/2 -  1/2 و 1 -  1/2 )، وهذه الأرقام تشير إلى التون والنصف تون. كما تشير إلى طريقة الإنتقال مابين نغمات الأوكتاف الموسيقي مما يؤهلنا إلى إستخراج المقام من على لوحة مفاتيح الأورج.

لمزيد من الشرح بالتفصيل شاهد هذا الفيديو :


التأليف والتلحين

يعتبر التكرار فى تأليف الموسيقي ليس رصا يبدأة المؤلف ثم يعيده، وإنما هى عملية تلوين لنغم يزداد جماله بمرات تكراره، حتى إذا كانت المادة فى الأصل واحدة. وهذا هو السبب الذى من أجله يجئ التكرار من قرار النغم الغليظ الأجش، ثم مرة تالية من الجوابات المرتفعة الرنانة، أو ما دون ذلك بين الغلظة والحدة من طبقات النغم الوسيط. ومع كل مرة من مرات التكرار تجئ بطانة موسيقية مناسبة كالتظليل فى الرسم.

وكل ذلك طبعا هو علامات من فنون التألق فى تفصيل النغم وصياغته. وكلها أيضا فنون تتطلب مؤلفا دارسا و مثقفا، فيه من الإنسانية بقدر ما فيه من العلم، بقدر ما فيه من الموهبة. أما عدم الأحتراف والأرتجال فليس له فى مثل هذه الفنون مجال، لأن مجاله مع الهواة الغير محترفين. وقد جاءت مادة التأليف الأولى من الغناء كما رأينا، وكان على من يؤلف للأوركسترا أن يستورد أنغامه من هذا المصدر دون ألفاظ أو كلمات.

وكان عليه أن يستخدم عبقريته فيما بقى من ظلال الأغانى، ويستخدم لها ما يستطيع من ضروب الدراسة والتجربة ليصوغ منها أنغاما تتكرر فتصبح قوالب. ثم يدخل التهذيب الهندسي والقوانين المحددة، فإذا كانت ذو طابع جيد أصبحت هى نفسها من المعزوفات الكبرى التقليدية التى يتحدثون عنها فيما يعرف " بالسوناتا " و " الكونشيرتو " و " السيمفونية ".

أنواع طبقات الصوت 

عندما تعامل المؤلفون القدامى مع المصدر الغنائى ذاك، وجدوا أنغاما تختلف مناطقها تبعا لطبيعة الحناجر التى تغنى: فهناك طبقة " الكهولة " وهى طبقة غليظة يقتصر غناء لحنها على المعمرين. وهذه أطلقوا عليها الطبقة المنخفضة أو الباص " Bass " بالتعبير الموسيقي، أو الجهير حسب تعبير المجمع اللغوى. وهناط طبقة الناضجين من الرجال، وهؤلاء لهم نغم صداح يعرفه الموسيقيون أصطلاحا بأنه نغم التينور " Tenor " أو إن شئت تعبير المجمع فهو " الصادح ".

وفوق ذلك تأتى طبقة الشباب من الذكور وذوات الصوت الأجش من النساء وهى طبقة نغمية يسميها المجمع اللغوى " الرنان " بينما يصر الموسيقيون على أن يسموها الألتو " Alto ". وأخيرا تأتى طبقة " السبرانو " أو الندى التى تعطينا أنغام الأطفال والنساء.

وجد المؤلفون إذا هذه المناطق الأربعة، وكان عليهم أن يتعاملوا مع أنغامها. ومن ثم تأتى لهم أن ينقلوها إلى مجال الألات، وأن يحددوا لكل طبقة مساحة معينة من مفاتيح الأورج الموجودة على لوحة المفاتيح، ثم فى بقية الألات فيما بعد. وبعد ذلك حددوا طريقة الكتابة لألات كل طبقة، ثم بدأو يستعيرون مما عاش فى ضمير الزمن من روائع النغم الشعبى والأغانى المحبوبة، وكونوا من ذلك عزفا موسيقيا تؤديه المناطق الأربعة فى آن واحد.

فإذا تصورنا كهلا، ورجلا، وشابا، وطفلا ينشدون معا كل فى طبقته الصوتية نغما يتساوى فى التوافق، فإننا نحصل على صورة " بوليفونية " غنائية. ويمكن كذلك أن نستبدل بكل فرد من هؤلاء مساحة معينة من مفاتيح " البيانو " أو عددا من الألات الموسيقية فنحصل على " الطابع البوليفونى " الآلى وفى هذا تأتى نتيجة العزف على ما يحب الناس ويشتهون.

الموسيقي البوليفونية الهارمونية

كما أوضحنا سابقا أن هناك أربعة مناطق صوتية يمكن أن تكتب بهم المؤلفات الموسيقية. والواقع أنه عندما تستمع الأذن لهذه المناطق الأربعة فى اللحن فإنها تجد جمالا يأتى منها، لكنه لا يحجب مالكل منطقة نغمية فى حد ذاتها من شخصية فريدة وجميلة فى نفس الوقت. وهذا النوع من الموسيقي يعرف بالموسيقي " البوليفونية " أو متعددة الأصوات لأن طريقة التدوين فيها هى أن يكتب المؤلف عدة خطوط لحنية وأحدها فوق الآ خر وفى مقابله، وقد أطلقوا على هذا الأسلوب أيضا أسم " الكونترابونطى " أو أسلوب الألحان المتقابلة " Contrapuntal ".

وهكذا تعاملت الموسيقي الأوركسترالية القديمة مع مؤلفات بوليفونية كنترابونطية مناطقها صافية اللحن، وتمتاز هندستها الموسيقية بالبساطة. ومن روائعها أن تنصب المناطق الأربعة فى سمع الإنسان بشكل رقيق وجميل. وإذا بالمؤلف يحب لنا أن نستمتع أكثر فيلجأ إلى التكرار فى فقرات خفيفة الظل.

ومع تحوير فى المناطق الصوتية وإتقان فى حليات النغم، فيأتى بمعزوفة فى قمة الروعة. ثم يستقر هذا الأسلوب ويتعارف عليه الموسيقيون يوما فيتنافسون فى الكتابة له. ويشتهر الكثير منهم حتى القرن السادس عشر، ومنهم " فرسكو بالدى الإيطالى " Frescobaldi " الذى كتب لألة الأرغن منه قدرا كبيرا.

ولم يقف التطور الموسيقي أمام الأسلوب الكونترابونطى البوليفونى فى التأليف، وإنما دفعه إلى الأمام وطوره إلى أكمل ما يستطيع. وكان على يوهان سباستيان باخ " J . S . Bach " أن يصل به إلى مرحلة " الفوجة " أو التسلل النغمى. وفى هذا الأسلوب يكتب المؤلف موسيقي بوليفونية فعلا لكنما تبدأ إحدى الطبقات الصوتية بنغمة ما فلا تلبث أن تتناولها طبقة أخرى. ثم يحدث نفس الشئ فى طبقة ثالثة، فرابعة، وعلى أبعاد زمنية متعاقبة. وكأنما هى لعبة موسيقية تتسلل فيها نغمة وراء أخرى هنا وهناك فى الطبقات المختلفة، وبطرق شتى لها جمالها ومعناها.

بداية ألة الأرغن

ومن المعروف أن الكنائس كانت يوما ما مصدر إمداد العالم بالمؤلفين العباقرة. والحق أن ألة الأرغن نفسها كانت ومازالت أداة الدين المسيحى فى التراتيل والقداسات. ومن الكنيسة جاءنا " باخ " بعد أن عدل فى النغم حتى أستقام لنا، وعدل فى صناعة الأرغن حتى أستقام عزفه لكل من أتى بعده، وعدل فى التأليف حتى أبتدع أسلوب التسلل هذا. ومن بعده راح المؤلفون يهندسونه فى النغم ويكررون فى مقطوعاتهم ما لذ وطاب. وهم جميعا يدينون بالفضل إلى " يوهان سباستيان باخ ".

وقد دخل تاريخ الموسيقي عنصر جديد جاء بنوع من التطور وهو عنصر الهارمونى. وأى تنغيم هارمونى إنما هو نتيجة عزف عدة أصوات مرة واحدة يجيئنا منها حاصل جمع أصوات مركبة وهو " التآلف " أو الكورد " Chord " بلغة الموسيقي. وفى مثل هذا الأسلوب لا قيمة لصوت جزئى داخل التآلف إلا فى التركيب الذى يسهم فيه. والواقع أن هناك سوابق تاريخية كانت تلح فى إستخدام شئ كالهارمونى. لكنما ليس هناك شك فى أن الموسيقي الهارمونية بالمعنى الصحيح قد أستقر أساسها فى نهاية القرن السادس عشر وأصبحت قاسما مشتركا فى التأليف.

وعندما شاع أستخدام هذا العنصر الجديد - عنصر الهارمونى - فى تراكيب الموسيقي حتى طغى طابعه النغمى بدرجة أضاعت شخصية الطبقات اللحنية اللامعة ! وهى الميزة التى أكسبتنا إياها الموسيقي البوليفونية. إذن لم يكن أمام المستمع إلا أن يفتش بإذنه عن الطابع اللحنى فى أعلى طابق من سطح الأجزاء الصوتية، وأن يجد فى بقية الأجزاء الأخرى دعامات يرتكز عليها ذلك السطح اللحنى وهو الهارمونى فى تأليف الموسيقي والذى يعتبر كالأعمدة التى يرتكز عليها هذا اللحن. وكان على فن الموسيقي أن يفقد فى هذا الطور قدرا كبيرا من عنصر التكرار فى صياغة المؤلفات. وهى خسارة كان لابد لها من تعويض عادل سريع حين كان على المستمع نفسه أن يصبر.

خسرت الموسيقي فى طور " الهارمونى " عنصر التكرار، ولكن جاءها التعويض السريع مع ظهور عنصر أختلاف المقامات الموسيقية وتناظرها. إذ يأتى المؤلف فيهندس مقطوعته من مجموع فقرات لكل فقرة مقام موسيقي مشروط. فإن كانت الفقرة الأولى من مقام بعينه مثلا، جائت الفقرة التالية من مقام يعلو على مقام الفقرة الأولى ببعد المسافة النغمية الخامسة. ثم هو يعود مرة اخرى فيعيد بفقرة ثالثة يستخدم فيها مقام الفقرة الأولى من جديد. وهكذا تعارف الموسيقيون على مبدأ أختلاف المقامات وتناظرها ليعطوا فكرة التجول النغمى ثم الأستقرار النهائى.

وهكذا أيضا جاء النغم يؤكد ذاته فى أسلوب التكرار الذى فقدناه فى الطور الهارمونى. ومنذ أن ظهر هذا المبدأ الجديد - مبدأ أختلافات المقامات الموسيقية وتناظرها - أصبحت الموسيقي أكثر قدرة على إعطاء معنى وتسلسل منطقى يجد المستمع معه لذة وأستمتاع بكل نغمة ومقطوعة من المعزوفات التآلفيه.


تعليقات
تعليقان (2)
إرسال تعليق
  • Unknown
    Unknown 2 أبريل 2020 في 1:27 ص

    دروس المقامات الشرقية . دروس جميلة ومفيدة

    إرسال ردحذف
    • Mina Labib Studio
      Mina Labib Studio 2 أبريل 2020 في 1:38 ص

      اتمنى التوفيق للجميع

      حذف



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -